مدير جامعة هايغازيان يروي لـ"الأنباء" تجربة الستينات نحو الفضاء.. ونصيحة للإستثمار في الذكاء الإصطناعي
التاريخ: 13/02/2021

توازيًا مع نجاح الحكم في لبنان بإيصالنا إلى جهنّم، إستطاعت الإمارات العربية المتحدة بلوغ الكوكب الأحمر، المريخ، إذ نجح "مسبار الأمل" في الوصول إلى مدار الكوكب في رحلة إستمرت خمسة أشهر، لتكون الإمارات خامس دولة على صعيد العالم، وأول دولة عربية، تستكشف فضاء الكوكب البعيد.

 

وقد تابع اللبنانيون الخبر بحسرة، حيث خالطتهم مشاعر الفخر بالإنجاز العربي ومشاعر الخيبة لما وصله الواقع اللبناني اليوم، وإستذكروا التجربة التي وصمت ماضيهم بالإبداع والإبتكار، فتشارك كثيرون صور صاروخ "سيدر"، الذي طوّره طلاب جامعة هايغازيان وبعض الأكاديميون في الستينات، يوم تميّز الأميركيون والسوفيات وإحتكروا المنافسة في مجال الفضاء، في القرن الماضي.

 

في عام 1960، كان لبنان قد خرج لتوه من ثورة 1958 وانتقل ببطء إلى فترة من التنمية. يومها، إنضم مانوغ مانوغيان، وهو خريجٌ جديد من جامعة تكساس في الولايات المتحدة الأميركية إلى كلية هايغازيان. وبرفقة طلاب من نادي العلوم، تمكّنوا من إطلاق مشروع للوصول إلى السماء والفضاء المداري، عبر تصميم الصواريخ، علمًا أن مبنى ميهاجيان في الجامعة المذكورة لم يكن مجهزًا لمشاريع مشابهة. 

 

ورغم شح الأموال، وبساطة الأدوات المستخدمة في الصنع، إستطاع الطلاب شراء الإمدادات البسيطة اللازمة، وفتحوا صفحة من التاريخ اللبناني.

 

يروي مدير جامعة هايغازيان، بول هايدوسيان لجريدة "الأنباء" الإلكترونية لمحةً عن التجربة، "فقد إنطلقت الفكرة بعد أن إهتم مانوغ مانوغيان بعلوم الفضاء، وطرح على رئيس الجامعة فكرة إنشاء نادٍ علمي، فكان مشروع إعداد صاروخ، ثم تم تأسيس "جمعية صواريخ كلية هايكازيان". الفكرة بدأت بتصميم صاروخٍ صغير، تمت تجربته في منطقة عين سعادة، وبعد فترة لم تتعدَ السنتين تطور الأمر إلى أن وصلت التجربة إلى "صاروخ الأرز"، فاهتم الجيش بالموضوع ومنح أرضاً لإستخدامها كمنصة في ضبية، وتأسست جمعية الصواريخ اللبنانية".

 

ولفت هايدوسيان إلى أن "المواد التي تم إستخدامها في المشاريع متواضعة جدًا، وقد واجه الطلاب حوادث ومخاطر، منها إحتراق المبنى الذي عملوا فيه على مشروعهم إثر قيامهم بمزيج كيميائي دون مراقبة وإشراف مختص، والجدير بالذكر أن صاروخ "سيدر 4"، كان الأنجح، وقد وصل مداه إلى أكثر من 400 كلم، لكن التجارب توقفت في عام 1966 مع إقرار مانوغيان بالضغوط السياسية والعسكرية الخارجية التي تمت ممارستها للحؤول دون تطور المشروع أكثر، علمًا أنه كان للبنان فرصة كبيرة في هذا المجال في ظل الإمكانيات البشرية، إذ التقنيات التي عمل عليها آنذاك ذكرها موقع الـBBC في مقالٍ عام 2013".

 

يُذكر أنه في عام 1966، تم إطلاق صاروخ تجاه البحر الأبيض المتوسط، على ما يبدو على مسافة آمنة من قبرص. لكن المسار أخذه مباشرة نحو سفينة تابعة للبحرية البريطانية تراقب عملية الإطلاق، وهبط على بعد أمتار قليلة منها، ويومها كانت النهاية.

 

أما لجهة الدعم الذي تلقاه المشروع، فقد ذكر هايدوسيان أن "الدعم كان محلياً، فقد أوعز رئيس الجمهورية فؤاد شهاب إلى وزارة التربية لتقديم المساعدة المادية المطلوبة، ما يعكس رؤيته لإبقاء الدعم كما والمشروع في الإطار المؤسساتي، وذلك ضمن إستراتيجيته في بناء الدولة".

 

وحول إمكانية جيل الشباب اللبناني اليوم تجديد النشاط في هذا الحقل، رأى هايدوسيان أن "مرحلة الستينات كان ينطوي عليها بعض العلوم المتعلقة بالفضاء، فحاول الشباب إستثمار قدراتهم في هذا المجال، أما اليوم، فمن الممكن توظيف القدرات والجهود في حقول أخرى لا تقل أهمية عن علوم الفضاء، كالذكاء الإصطناعي، إذ من المهم أن تسير سكّة الإبداع توازيًا مع سكّة التطور العالمي".